تلامذة العلامة المجلسي والمجازون منه

 

 

تلامذة العلامة المجلسى والمجازون منه

[٣]

بسم الله الرحمن الرحيم

وله الحمد والمجد

نشأ شيخ المحدثين علامة العلماء المولى محمد باقر المجلسى الاصبهانى - نور الله تربته الزكية - في بيت علم وفضل وجلال، في كنف والده المقدس المولى محمد تقى المجلسى الذى كان يجمع بين الثقافات الدينية العالية والمكانة الروحية الممتازة، في بيت كان له الجاه العريض قبل حلوله بمدينة (اصبهان) وبعد أن حل بها، وهى - كما يعلم القارئ الكريم - المركز العلمى والسياسى والدينى الكبير الذى جلب اليه اجل العلماء في ذلك القرن من مختلف الاقطار الاسلامية.

أضف إلى هذا المواهب العالية التى كان يتمتع بها العلامة المجلسى والتى جعلته مبرزا بين أقرانه في الميادين العلمية والاجتماعية، وكان لاتصافه بها مرموقا في الاوساط معروفا بين الاجلة والاعلام، اتجهت اليه الانظار وأصبح بحيث كان الوصول اليه والحضور لديه والمشاركة في حلقاته التدريسية فخرا يتسابق اليه طلاب العلوم الدينية ويتوافدون على مجالسه من كل حدب وصوب.

لقد ذكر المحدث الجليل السيد نعمة الله الجزائرى والمؤرخ النابه الميرزا عبدالله أفندى، أن تلامذة العلامة المجلسى تجاوزوا الالف تلميذ، وهذا عدد كبير

[٤]

يدل على اهتمام علماء ذلك العصر بالوفود على هذا الشيخ الذى ملا الدنيا علما وثقافة.

ويبدو من كثير من الاجازات التى كتبها العلامة المجلسى والكتب المقروء‌ة عليه الموجودة نسخها المخطوطة في بعض المكتبات العامة والخاصة، أنه كان يلقي على تلامذته محاضرات علمية في مختلف الفنون والعلوم، فان بعضهم قرأ عليه الادب والتفسير والكلام والفقه والحديث، بل بعضهم نشأ عليه منذ البدايات الدراسية إلى المراحل العالية التى كانت معهودة في الحوزات آنذاك.

الاجازات الموجودة الان تدل على انه كان مدرسا معروفا منذ نحو سنة ١٠٧٠، وبقي مستمرا في التدريس إلى ايامه الاخيرة بالرغم من كثرة مسؤولياته بسبب زعامته الدينية التى غطت دنيا الشيعة في ذلك العصر، لا تمنعه الشواغل الاجتماعية عن تربية جيل ممتاز من العلماء والمبرزين في الميادين الثقافية.

ومع تدريسه في سائر الفنون والعلوم كان اهتمامه الاكبر منصبا على تدريس الحديث وعلومه ساعيا في احياء آثار اهل البيت عليهم السلام، لانه يرى ان الحديث هو الاصل في معرفة المبادئ الدينية والفروض الالهية وما فيه صلاح الدنيا والاخرة، ومن طريق آل الرسول صلى الله عليه وآله وحده يجد المسلم الملتزم بدينه سبيل الرشاد ويتدرع عن الغي والفساد، فهو المنبع الاصيل الذى يجب احياء معالمه وتركيز دعائمه.

وقد وجدت - وأنا أجمع اجازات العلامة المجلسى في كتاب خاص - معلومات هامة عن هؤلاء التلامذة تلقي بعض الضوء على حياة جماعة منهم وتدل على مدى موقعهم الممتاز لدى استاذهم، حرصت على تدوينها وصونها عن الضياع لكى تكون مادة جديدة لدارسي هذا الطود الشامخ.

* * *

عقد المحدث الكبير الحاج ميرزا حسين النورى فصلا خاصا بتلامذة العلامة

[٥]

المجلسى في كتابه المعروف (الفيض القدسي) فذكر منهم تسعا وأربعين تلميذا في الفصل الثالث منه، وترجم لهم بتراجم مقتضبة مختصرة بقدر ما استعفته المصادر الموجودة عنده والمخطوطات إلى رآها.

وبعده ترجم شيخنا الجليل العلامة الثبت الشيخ آقا بزرك الطهرانى لاكثر من مائة تلميذ في غضون كتابيه (الروضة النضرة في تراجم علماء المائة الحادية عشرة) و (الكواكب المنتثرة في القرن الثانى بعد العشرة)، فأدرج خلالها ما كتبه النورى وأضاف عليه ما وجده من المعلومات في المصادر المتوفرة لديه.

وكان الاستاذ الفاضل السيد مصلح الدين المهدوى الاصبهانى اكثر استيعابا في كتابه الفارسى (زندكينامه علامه مجلسى) فانه ترجم لمائة وواحد وثمانين تلميذا بالاضافة إلى عدد ممن احتمل انهم من التلامذة.

والحق انه كثير التتبع في فهارس المخطوطات ومظان التراجم شديد الصبر على الفحص والتنقيب.

أما في هذا الكتيب فيجد المطالع الكريم ترجمة مائتين وأحد عشر تلميذا مع جماعة لم تطمئن النفس إلى انهم من التلامذة، مع استيفاء اكثر لما في المصادر ومواد أوفر للتراجم.

* * *

قسمت هذه المجموعة إلى قسمين: الاول تراجم لمن ثبت تتلمذهم لدى العلامة المجلسى، والثانى لمن نشك بتتلمذهم لديه.

وحاولنا ان تكون التراجم مستوعبة مختصرة لا نطيل الكلام فيها باستطراد ما ليس من صلب الموضوع، فنهتم: بحياة صاحب الترجمة العلمية وآثاره التأليفية أو بعضها اذا كان كثير التأليف، وتاريخ مولده ووفاته اذا كانا معلومين، والمدارج التى تدرج فيها في دراسته وتعلمه، ونركز خاصة على ما قرأ لدى المجلسي وما

[٦]

استحصل منه من الاجازات بتواريخها، ونضيف نقل ما نقل فيه اذا كان معظما له اكثر مما اعتاده في سائر الاجازات.

كل ذلك لبيان مكانة التلميذ في العلم وعند الشيخ.

وقد اسمينا في آخر كل ترجمة المصادر التى رجعنا اليها عند كتابتها، ولكن بالاضافة اليها استفدنا كثيرا مما جاء في عبارات الاجازات وبعض معلومات مبعثرة وجدناها في كتب مخطوطة اطلعنا عليها في مسيرتنا الطويلة بين المكتبات العامة والخاصة.

وختاما يجب في هذه الفرصة الخاطفة ان اقدم ثنائى العاطر إلى كل من آزرنى بشأن هذا الاثر المتواضع، وأخص بالثناء والشكر الاخ العلامة الحجة السيد محمود المرعشى الذى لا يزال يولينى فضله بتهيئة وسائل طبع ما جمعته عن شيخنا المجلسى قدس الله سره.

والحمد لله على الهداية والسداد والصلاة على محمد وآله سادة اولي الرشاد.

قم المشرفة - اول رجب ١٤١٠ ه‍ السيد احمد الحسينى

[٧]