الفصل الرابع في ذكر نبذة من أحوال آبائه

(الفصل الرابع)

" (في ذكر نبذة من أحوال آبائه) "
" (وامهاته وأجداده وذراريهم) "
وفيه أصلان * الاول * في ذكر آبائه وامهاته أما الوالد فهو العالم الجليل المولى محمد تقي (1) ووالده الفاضل المولى مقصود علي (2) المتخلص بالمجلسي، وامه من أقارب العالم الشيخ عبد الله (3) ابن المولى الجليل الشيخ جابر العاملي كما صرح به سبطه الأجل الأمير محمد حسين في هامش مناقب الفضلاء في رياض العلماء أنه أي العلامة المجلسي قال في بعض إجازاته لواحد من سادات تلامذته: ومنها ما أجازني الشيخ الجليل الصالح الرضي عبد الله بن الشيخ جابر العاملي ابن عمة والدة والدي انتهى وهي مذكورة في آخر إجازات البحار " وام والدة المولى محمد تقي الصالحة بنت العالم المولى كمال الدين درويش محمد ابن الشيخ حسن العاملي ثم النطنزي. أما المولى مقصود على، ففي مرآت الأحوال أنه كان بصيرا ورعا مروجا لمذهب الاثنى عشرية جامعا للكمال والحسن في المقال، وكان له أبيات رايقة بديعة ولحسن محاضرته وجودة مجالسته سمي بالمجلسي وتخلص به، فصار هذا لقبا في هذه الطائفة الجليلة والسلسلة العلية، وكانت زوجته ام المولى محمد تقي عارفة مقدسة صالحة.
(1) وقد مضى ترجمته في مشايخه في ص 76 - راجع هناك ومرآت الاحوال - حدائق المقربين ص الروضات: 129 فوائد الرضوية 439. (2) الروضات ص 129 - (3) تتميم امل الامل ص اللؤلؤة ص مرآت الاحوال ص

[106]

ونقل الفاضل المقدس الكامل الا ميرزا حيدر علي بن الا ميرزا عزيز الله الآتى ذكره عن العالم الجليل الأمير عبد الباقي امام الجمعة باصبهان أنه عرض للمولى مقصود علي سفر فجاء بولديه المولى محمد تقي والمولى محمد صادق (1) إلى العلامة الورع المقدس المولى عبد الله الشوشتري لتحصيل العلوم الدينية وسئله أن يواظب في تعليمهما، ثم سافر فصادف في هذه الأيام عيد فأعطى المولى عبد الله ثلاثة توامين المولى محمد تقي وقال: أنفقوه في ضروريات معاشكم، فقال المولى محمد تقي: أنا لا أقدر على صرفه وإنفاقه بدون رضا الوالدة وإجازتها، فلما استجاز منها قالت له: إن لوالدكما دكانا غلته أربعة عشر غار بيكي، وهى تساوي مخارجكم على حسب ما عينته وقسمته، وصار ذلك عادة لكم في مدة من الزمان، فلو أخذت هذا المبلغ تصير حالكم في سعة، والمبلغ ينفد عن آخره يقينا وأنتم تنسون العادة الأولية فلابد لى أن أشكو حالكم في أغلب الأوقات إلى جناب المولى وغيره، وهذا لا يصلح بنا، فلما سمع المولى المزبور هذه المعذرة دعا في حقهم. وأما المولى كمال الدين درويش محمد (2) ففي رياض العلماء: المولى كمال الدين درويش محمد ابن الشيخ الحسن العاملي ثم النطنزي ثم الاصفهاني من أكابر ثقات العلماء، ويروى عن الشيخ علي الكركي، ويروى عنه جماعة من الفضلاء منهم المولى محمد تقي المجلسي والد الاستاد الاستناد قدس سره، ومنهم الشيخ عبد الله بن جابر العاملي، ومنهم القاضي أبو الشرف الإصفهاني كما يظهر من آخر وسائل الشيعة
(1) هو والد المولى محمد رضا الذى تقدم ذكره في الفصل السابق. (2) هو المولى كمال الدين دريش محمد فاضل صالح زاهد متقى من أكابر الثقات وتلامذة الشهيد الثاني يروى عن المحقق الكركي وهو أول من نشر أحاديث الامامية في دولة الصفوية باصبهان - قال الامير محمد حسين سبط العلامة المجلسي كان مولى كمال الدين من أهل الزهد والعبادة وهو مدفون في بلدة نطنز وعلى قبره قبة معروفه. فوائد الرضوية 177 الروضات ص 402.

[107]

للشيخ المعاصر. وقد كان جد والده أي الاستاد من قبل امه قال: في بحث اسناد دعاء الصباح والمساء لعلي عليه السلام في المجلد الثاني من كتاب بحار الأنوار هكذا: هذا الدعا من الأدعية المشهورة ولم أجده في الكتب المعتبرة إلا مصباح السيد ابن باقي - ره - ووجدت منه نسخة قرء المولى الفاضل مولانا درويش محمد الاصفهاني جد والدى من قبل امه رحمة الله عليهما على العلامة مروج الذهب نور الدين علي بن عبد العالي الكركي قدس الله روحه، فأجازه، وهذه صورتها: " الحمد لله قرء علي هذا الدعاء والذي قبله عمدة الفضلاء الأخيار الصلحاء الأبرار مولانا كمال الدين درويش محمد الإصبهاني بلغه الله ذروة الأماني، قراءة تصحيح، كتبه الفقير علي بن عبد العالي في سنة تسع وثلاثين وتسعمأة حامدا مصليا " انتهى ما في البحار. وقال في بعض إجازاته لواحد من سادات تلامذته: ومنها ما أجازني الشيخ الجليل الصالح الرضي عبد الله ابن الشيخ جابر العاملي ابن عمة والدة والدي عن جد والدي من قبل امه العالم الثقة الفقيه المحدث كمال الدين مولانا درويش محمد بن الشيخ حسن النطنزي طيب الله أرماسهم عن الشيخ علي الكركي. وقال الشيخ المحدث الحر العاملي في أمل الامل: الشيخ درويش محمد بن الحسن العاملي - ره - كان فاضلا صالحا زاهدا من المشايخ والأجلاء يروى عن الشيخ علي الكركي. وفي مناقب الفضلاء للعالم الجليل مير محمد حسين سبط العلامة المجلسي: كانت ام المولى محمد تقي بنتا للمولى كمال الدين، وهذا المولى كمال الدين من أهل العبادة والزهادة وهو مدفون في نطنز، وله قبة معروفة. وقال العالم النبيل الرباني الشيخ يوسف البحراني اللؤلوءة: وفي إجازته لبحر العلوم - ره - أن المولى درويش محمد بن الشيخ حسن النطنزي أول من نشر
[108]

الحديث في الدولة الصفوية بإصفهان. وفي مرآت الأحوال: المولى درويش محمد الإصفهاني كان فاضلا عالما مقدسا كاملا من تلامذة أفضل المتأخرين وترجمان المتقدمين العالم الصمداني الشيخ زين الدين المدعو بالشهيد الثاني، وكونه تلميذ الشهيد الثاني لا ينافي روايته عن المحقق الكركي فان بين وفاتيهما تسعة وعشرين سنة. وأما الشيخ حسن ففي مرآت الأحوال أنه كان مجتهدا كاملا أوحديا فاضلا عارفا مروجا لمذهب الاثنى عشرية، والعجب أن المحدث الحر أهمل ترجمته في أمل الامل. وأما الشيخ عبد الله بن جابر (1) العاملي ففي أمل الامل كان عالما عابدا فقيها يروى عن تلامذة الشيخ علي بن العالي الكركي. قلت: ويروى عن أبيه الشيخ جابر أيضا كما في جملة من الاجازات، فهو معدود من العلماء، يروي عن المحقق الكركي وأهمل ذكره أيضا في أمل الامل ويروي عنه العلامة المجلسي كما تقدم. واعلم أن للشيخ درويش محمد ابنا فاضلا وهو المولى محمد قاسم (2) يروى عنه ابن اخته المولى محمد تقي ويروي هو عن أبيه وعن الشيخ جابر العاملي، صرح بذلك العلامة المجلسي في إجازته لبعض تلاميذه في المشهد الرضوي ولم نقف على حاله. ثم إن الفاضل النحرير الا ميرزا عبد الله قال في رياض العلماء في ترجمة الحافظ أبي نعيم (3): ثم اعلم أن الحافظ أبا نعيم هذا كان الجد الأعلى للمولى محمد تقي
(1) رياض العلماء: تتميم امل الامل ص مرآت الاحوال ص مناقب الفضلاء ص (2) أقول ويأتى في باب الاجازات. (3) رياض العلماء ج 3 ص 142 - مرآت الاحوال ص الروضات: 75 - معالم العلماء ص 21.

[109]

المجلسي ولولده الاستاد الاستناد قدس الله تعالى روحهما كما سبق ترجمتهما في القسم الأول والمعروف أن الحافظ أبا نعيم كان من محدثي علماء العامة، ولكن سماعي من الاستاد الاستناد المشار إليه هو أن الظاهر أنه كان من علماء الخاصة، ولكن كان يتقي كما هو الغالب في أحوال ذلك الزمان. وقال بعض علمائنا على ما رأيته بخطه: إن الظاهر كون أبي نعيم الاصفهاني هذا من العامة وتأمل فيه صاحب الرياض واحتمل اشتباهه بحال الحافظ أبي نعيم فضل بن دكين الامامي الاثنى عشري، ثم أيد تشيعه بأنه أورد بعض تلامذة الشيخ على الكركي في رسالته المعمولة في ذكر أسامي المشايخ أبا نعيم صاحب حلية الاولياء هذا في جملة مشايخ أصحابنا. قلت: لم نعثر على المجلد المشتمل على ترجمة المجلسيين من الرياض، وأبو نعيم هذا كما فيه هو الحافظ أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الإصفهاني العالم الجليل المشهور المعروف بالحافظ وتارة بالحافظ أبي نعيم الإصفهاني، الفقيه المحدث المشهور الفاضل العلم الموصوف صاحب كتاب حلية الأولياء وغيره، قبره بإصفهان معروف الآن أيضا بمحلة شيخ مسعود، ويعرف تلك المقبرة أيضا بالحافظ، ونعيم بضم النون كما في الخلاصة أخذ عن الطبراني وهو أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطر اللخمي صاحب معاجم البلدان الثلاثة. وقال ابن شهر آشوب في معالم العلماء: الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الإصفهاني عامي إلا أن له منقبة المطهرين ومرتبة الطيبين وما نزل من القرآن في أمير المؤمنين عليه السلام وله كتاب تاريخ الاصفهان، وقد ذكر فيه أن جده مهران أسلم وهو إشارة إلى أنه أول من أسلم من أجداده وقال: إنه مولى عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ولد في رجب سنة ست وثلاثين وثلثمأة وتوفى والده في رجب سنة خمس وستين وثلاثمأة، وقيل: سنة أربع وثلاثين وثلثمأة وتوفى هو في صفر وقيل: يوم الاثنين الحادي والعشرين من المحرم سنة ثلاثين وأربعمأة، وباقي أحواله وتصانيفه يطلب من الكتاب المذكور وغيره.
[110]

وأما المولى محمد تقي (1) فجلالة قدره أعلى من أن يحيط بها مثلي، قال العالم الخبير المولى حاج محمد الأردبيلي تلميذ ولده العلامة في كتاب جامع الرواة: محمد تقي ابن المقصود علي الملقب بالمجلسي وحيد عصره، فريد دهره، أمره في الجلالة والثقة الأمانة وعلو القدر وعظم الشأن وسمو الرتبة والتبحر في العلوم أشهر من أن يذكر، وفوق ما يحوم حوله العبارة، أورع أهل زمانه وأزهدهم وأتقاهم وأعبدهم بلغ فيضه دينا ودنيا بأكثر أهل زمانه من العوام والخواص، ونشر أخبار الأئمة بإصفهان جزاه الله تعالى جزاء المحسنين. له تأليفات منها شرح عربي على من لا يحضره الفقيه، وشرح فارسي عليه أيضا وكتاب حديقة المتقين، وشرح على بعض كتاب تهذيب الأحكام، ورسالة في أفعال الحج، ورسالة الرضاع أخبرنا بها ابنه الإمام الأجل محمد باقر عنه توفى قدس الله روحه الشريف سنة سبعين بعد الألف وله نحو من نحو سبع وستين سنة رضي الله تعالى عنه وأرضاه. وفي مرآة الأحوال أنه استفاد العلم من شيخ الاسلام والمسلمين الشيخ بهاء الدين العاملي والعلامة الزاهد المقدس الورع المولى عبد الله الشوشتري وغيرهما، وكان متوطنا باصبهان وأساس فضله وكماله أعلى من أن يحكيه لسان القلم، وبعد فراغه من التحصيل أتى إلى النجف الأشرف، واشتغل بالرياضات وتهذيب الأخلاق وتصفية الباطن حتى صار متهما بالتصوف، تعالى شأنه عن ذلك علوا كبيرا، ويستفاد من شرحه للجامعة الكبيرة أنه فاز بسعادة لقاء صاحب الأمر عليه السلام في اليقظة والمنام وذكر من مؤلفاته كتاب الأربعين وقال: توفى رحمه الله باصبهان، وقيل: في تاريخ وفاته " قدس الله روحه الشريف " وقبره بها، وله قبة عالية هي مطاف للشيعة. قلت: قال المولى المذكور في شرح مشيخة الفقيه في ترجمة شيخه عبد الله بن الحسين الشوشتري رضي الله عنه: كان شيخنا وشيخ الطائفة الامامية في عصره، العلامة
(1) قد مضى ترجمته في باب مشايخه - ره - وقد ذكره العلامة الرجالي المولى محمد الاردبيلى في الجامع ج 2 ص 82 واثنى عليه.

[111]

المحقق المدقق الزاهد العابد الورع، وأكثر فوائد هذا الكتاب من إفاداته إلى أن قال: وكان لي بمنزلة الأب الشفيق، بل بالنسبة إلى كافة المؤمنين، وتوفى رحمه الله في العشر الأول من المحرم وكان يوم وفاته بمنزلة العاشورا وصلى عليه قريب من مأة ألف، ولم نر هذا الاجماع على غيره من الفضلاء، ودفن في جوار إسماعيل بن زيد بن الحسن، ثم نقل إلى مشهد أبي عبد الله الحسين عليه السلام بعد سنة، ولم يتغير حين اخرج، وكان صاحب الكرامات الكثيرة مما رأيت وسمعت. وكان قرء على شيخ الطائفة أزهد الناس في عهده مولانا أحمد الأردبيلي، وعلى الشيخ أحمد بن نعمة الله بن أحمد بن محمد بن خاتون العاملي رحمهم الله، وعلى أبيه نعمت الله، وكان له عنهما إجازة الأخبار (1) وأجاز لي كما ذكرته في أوئل الكتاب، ويمكن أن يقال إن انتشار الفقه والحديث كان منه، وإن كان غيره موجودا، ولكن كان لهم الاشغال الكثيرة، وكان مدة درسهم قليلا بخلافه رحمه الله، فانه كان مدة إقامته في إصبهان قريبا من أربع عشر سنة بعد الهرب من كربلاء المعلى إليه، وعند ما جاء باصبهان لم يكن فيه من الطلبة الداخلة والخارجة خمسون، وكان عند وفاته أزيد من الألف من الفضلاء وغيرهم من الطالبين. وقال في ترجمة شيخه الآخر: بهاء الدين واستادنا ومن استفدنا منه، بل كان كالوالد المعظم كان شيخ الطائفة في زمانه جليل القدر عظيم الشأن كثير الحفظ ما رأيت بكثرة علومه ووفور فضله وعلو مرتبته أحدا له كتب نفيسة منها حبل المتين ومشرق الشمسين بل هذا الشرح أيضا من فوايده فاني رأيته في النوم وقال لي: لم لا تشتغل بشرح أحاديث أهل البيت عليهم السلام ؟ فقلت له: هذا شأنكم وأنتم أهله، فقال: مضى زماننا، واشتغل واترك المباحثات سنة حتى يتم. وكان بعد ذلك الرؤيا في بالي أن أشتغل بذلك، ولما كان هذا أمرا عظيما ما كنت أجترء عليه حتى حصل لي مرض عظيم ووصيت فيه، واشتغلت بالدعاء والتضرع
(1) الاجازتان موجودتان عندي بخطهما منه ره.

[112]

إلى الله تعالى أن يغفر لي ويذهب بروحي، فأصابني حينئذ سنة فرأيت سيدي شباب أهل الجنة أجمعين قدامي جالسين عندي، وسيد الساجدين عليه السلام فوق رأسي جالسا وأظهرا أنا جئنا لشفائك، وقال سيد الساجدين عليه السلام لا تطلب الموت، فان وجودك أنفع، فانتبهت من السنة، وذهب الوجع بالكلية وحصل العرق. ثم حصلت لي سنة اخرى فرأيت سيد الأنبياء والمرسلين وأشرف الخلايق أجمعين صلى الله عليه واله قائما في بيتي فأردت أن اقبل رجله فلم يدعني فشرعت في مدايحه بأنك الذي خلق الله الكونين لأجلك وجعلك متخلقا بأخلاقه الكمالية، وجعلك أفضل من برءه الله وأنت العالم بعلوم الله، القادر بقدرة الله، والمتخلق بأخلاق الله، و هو يتبسم ويقول: كذلك أنا. وكانت المدايح كثيرة اختصرتها ثم قلت: يا رسول الله بأي شئ أعمل وكان في عزمي أن أشتغل بالرياضات للوصول إلى الله تعالى، أم بغيره مما يأمر به ؟ فقال صلى الله عليه واله: اعمل بما كنت تعمل وكنت في هذه المقالات إذ قال جاء علي وفاطمة عليهما السلام إلى عيادتك، فأخذني البكاء والنحيب، وقلت: أنا كلبهم أي مقدار لي حتى تجئ ويجيئان إلى عيادتي فانشق جدار البيت وظهرا، وللدهشة انتبهت فبكيت كثيرا. وحصلت لي سنة اخرى فسمعت أن قائلا يقول: إن سيد المرسلين صلى الله عليه واله أرسل إليك ثمرة من الجنة وكبابا منها، فدفع إلى أولا سفافيد الكباب، وكانت حولي جماعة كثيرة فآكل من الكباب لقمة وتحصل مكانها اخرى وأدفع إلى كل من في حولي من هذا الكباب، وأقول لهم إني كنت أقول لكم إن سفافيد كباب الجنة من الذهب، ورأيتموها، وقلت لكم: إن طعام الجنة كلما جني منها شئ يوجد مكانها اخرى، وكلما أدفع إليهم الكباب وآكله لا يفنى الكباب. ثم شرعت في الثمرة وكانت بقدر بطيخ حلبى عظيم وآخذ منها ورقة ورقة وآكلها، وفي كل ورقة طعوم لا تتناهى وأقول لهم: كنت أقول لكم إن ثمرة الجنة كذلك وكلما أدفع إليهم يحصل منها ورقة اخرى فانتبهت من ذلك الرؤيا، وأولتها
[113]

بالعلم والهمت بأن أشتغل بشرح الأحاديث، فاشتغلت بذلك. ولما كانت الطلبة مشغولين بالدرس كنت ادغدغ في ترك الدروس بالكلية ولكن حصل في التعطيلات التوفيق من المنعم الوهاب وحسبتها كانت سنة على ما قاله شيخنا البهائي رحمه الله. وقال في آخر هذا الكتاب: اعلم أني صرفت عمري في نقد أخبار سيد المرسلين والأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، بعدما قرأت الكتب المتداولة في الاصول والكلام والفقه، وطالعت كل ما صنفه أصحابنا وغيرهم إلا ما شذ، وتفكرت في هذه المدة المديدة التي تزيد على الخمسين سنة، ثم ذكرت لبها وخلاصتها إلى آخر ما قال ولا بأس بذكر ما ذكره في شرح الجامعة توضيحا لما استفاده في المنام من لقائه الحجة عليه السلام قال ما لفظه: زيارة جامعة لجميع الأئمة عند مشهد كل واحد ويزور الجميع قاصدا بها الامام الحاضر، والنائي والبعيد يلاحظ الجميع ولو قصد في كل مرة واحدا بالترتيب والباقي بالتبع لكان أحسن كما كنت أفعل، ورأيت في الرؤيا الحقة تقرير الإمام علي ابن موسى الرضا عليه السلام وتحسينه عليه، ولما وفقني الله لزيارة أمير المؤمنين عليه السلام وشرعت في حوالي الروضة المقدسة في المجاهدات، وفتح الله علي ببركة مولانا صلوات الله عليه أبواب المكاشفات التي لا تحتملها العقول الضعيفة، رأيت في ذلك العالم وإن شئت قلت: بين النوم واليقظة عندما كنت في رواق عمران جالسا أني بسر من رأى، ورأيت مشهدها في نهاية الارتفاع والزينة ورأيت قبريهما لباسا أخضر من لباس الجنة لأني لم أر مثله في الدنيا ورأيت مولانا ومولى الأنام صاحب العصر والزمان عليه السلام جالسا ظهره على القبر، ووجهه إلى الباب. فلما رأيته شرعت في الزيارة بالصوت المرتفع كالمداحين، فلما أتممتها قال عليه السلام: نعمت الزيارة، قلت: مولاي روحي فداك زيارة جدك، وأشرت إلى نحو القبر ؟ فقال: نعم ادخل فلما دخلت وقفت قريبا من الباب، فقال: تقدم، قلت مولاي أخاف أن أصير كافرا بترك الأدب، فقال عليه السلام: لا بأس إذا كان باذننا فتقدمت
[114]

قليلا وكنت خائفا مرتعشا، فقال: تقدم تقدم حتى صرت قريبا منه قال عليه السلام: اجلس، قلت: مولاي أخاف قال: لا تخف فلما جلست جلسة العبد بين يدي المولى الجليل، قال: استرح واجلس متربعا فانك تعبت جئت ماشيا حافيا. والحاصل أنه وقع منه بالنسبة إلى عبده ألطاف عظيمة، ومكالمات لطيفة، لا يمكن عدها ونسيت أكثرها، ثم انتبهت من ذلك الرؤيا، وحصل في ذلك اليوم أسباب الزيارة بعد كون الطريق مسدودة في مدة طويلة، وبعد ما حصل الموانع العظيمة ارتفعت بفضل الله وتيسر الزيارة بالمشي والحفا كما قاله الصاحب عليه السلام. وكنت ليلة في الروضة المقدسة وزرت مكررا بهذه الزيارة، وظهر في الطريق وفي الروضة كرامات عجيبة بل معجزات غريبة يطول ذكرها. وقريب من هذه الحكاية ما ذكره رحمه الله في الشرح المذكور في جملة كلام له في اعتبار الصحيفة الكاملة ما لفظه: ومما انكشف لهذا العبد الضعيف وهو سندي وتواتر عني أني كنت في أوايل البلوغ طالبا لمرضات الله، ساعيا في طلب رضاه، ولم يكن لي قرار إلا بذكر الله تعالى إلى أن رأيت بين النوم واليقظة أن صاحب الزمان صلوات الله عليه كان واقفا في الجامع القديم في إصبهان وقريبا من باب الطيني الذي الآن مدرسي فسلمت عليه وأردت أن اقبل رجله فلم يدعني وأخذني فقبلت يده وسئلت عنه مسائل قد أشكلت على. منها أني كنت اوسوس في صلاتي وكنت أقول إنها ليست كما طلبت مني، وأنا مشتغل بالقضاء ولا يمكنني صلاة الليل وسألت عنه شيخنا البهائي - ره - فقال: صل صلاة الظهر والعصر والمغرب بقصد صلاة الليل وكنت أفعل هكذا، فسألت عن الحجة عليه السلام اصلي صلاة الليل، فقال: صلها ولا تفعل كالمصنوع الذي كنت تفعل إلى غير ذلك من المسائل التي لم تبق في بالي. ثم قلت: يا مولاي لا يتيسر لي أن أصل إلى خدمتك كل وقت، فأعطني كتابا أعمل عليه، فقال: أعطيت لأجلك كتابا إلى مولانا محمد التاج وكنت أعرفه في النوم، فقال عليه السلام: رح وخذ منه، فخرجت من باب المسجد الذي كان مقابلا لوجهه
[115]

إلى جانب دار البطيخ محلة من إصبهان. فلما وصلت إلى ذلك الشخص ورآني قال: بعثك الصاحب عليه السلام إلى ؟ قلت: نعم فأخرج من جيبه كتابا قديما فظهر لي أنه كتاب الدعاء وقبلته ووضعته على عيني، وانصرفت عنه متوجها إلى الصاحب، فانتبهت ولم يكن معي ذلك الكتاب، فشرعت في التضرع والبكاء والجوار لفوت ذلك الكتاب إلى أن طلع الفجر. فلما فرغت من الصلاة والتعقيب وكان في بالي أن مولانا محمد هو الشيخ وتسميته بالتاج لاشتهاره بين العلماء فلما جئت إلى مدرسته وكان في جوار المسجد الجامع فرأيته مشتغلا بمقابلة الصحيفة، وكان القاري السيد الصالح أمير ذو الفقار الجرفادقاني فجلست ساعة حتى فرغ منه، والظاهر أنه كان في سند الصحيفة، لكن للغم الذي كان لي لم أعرف كلامه ولا كلامهم، وكنت أبكى فذهبت إلى الشيخ وقلت له رؤياي وكنت أبكى لفوات الكتاب. فقال الشيخ: أبشر بالعلوم الالهية والمعارف اليقينية وجميع ما كنت تطلب دائما وكان أكثر صحبتي مع الشيخ في التصوف، وكان مايلا إليه فلم يسكن قلبي، وخرجت باكيا متفكرا إلى أن القى في روعى أن أذهب إلى الجانب الذي ذهبت إليه في النوم. فلما وصلت إلى دار البطيخ رأيت رجلا صالحا كان اسمه آقا حسن ويلقب بتاجا، فلما وصلت إليه وسلمت عليه قال: يا فلان الكتب الوقفية التي عندي كل من يأخذه من الطلبة لا يعمل بشروط الوقف وأنت تعمل به، تعال وانظر إلى هذه الكتب وكل ما تحتاج إليه خذه. فذهبت معه إلى بيت كتبه فأعطاني أول ما أعطاني الكتاب الذي رأيته في النوم (1) فشرعت في البكاء والنحيب، وقلت: يكفيني، وليس في بالي أني ذكرت له
(1) وفى آخر اجازات البحار هكذا: صورة رواية والدى العلامة للصحيفة الكاملة السجادية مناولة عن القائم عليه السلام في الرؤيا بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله رب العالمين والصلاة على سيد الخلايق أجمعين محمد وعترته الاقدسين وبعد فيقول افقر

[116]

النوم أم لا. وجئت عند الشيخ وشرعت في المقابلة مع نسخته التي كتبها جد أبيه من نسخة الشهيد، وكتب الشهيد نسخته من نسخة عميد الرؤساء وابن السكون، وقابلها مع نسخة ابن إدريس بواسطة أو بدونها، وكانت النسخة التي أعطانيها الصاحب عليه السلام أيضا مكتوبة من خط الشهيد وكانت موافقة غاية الموافقة حتى في النسخ التي كانت مكتوبة على هامشها، وبعد أن فرغت من المقابلة شرع الناس في المقابلة عندي، وببركة إعطاء الحجة عليه السلام صارت الصحيفة الكاملة في جميع البلاد كالشمس طالعة في كل بيت، وسيما في إصبهان فان أكثر الناس لهم الصحيفة المتعددة، وصار أكثرهم صلحاء وأهل الدعاء، وكثير منهم مستجابوا الدعوة، وهذه الآثار معجزة للصاحب عليه السلام والذي أعطاني الله من العلوم بسبب الصحيفة لا احصيها، وذلك من فضل الله علينا وعلى الناس والحمد لله رب العالمين انتهى. ووصفه في مناقب الفضلاء بقوله: الفقيه النبيه العلامة والفاضل الكامل الفهامة شيخ الفقهاء والمحدثين ورئيس الأتقياء والمتورعين مقتدى الأنام في زمانه ومفتي مسائل الحلال والحرام في أوانه، زبدة العارفين وقدوة السالكين وجمال الزاهدين ونور مصباح المتهجدين وضياء المسترشدين صاحب الكرامات الشريفة والمقامات المنيفة الخ. وفي أول (1) المقابيس: ومنها المجلسي للشيخ الأجل الأكمل الأفضل الأوحد الأعلم الأعبد الأزهد الأسعد جامع الفنون العقلية والنقلية، حاوي الفضائل
عباد الله الغنى محمد تقى ابن المجلسي الاصفهانى عفى عنهما بالنبي وآله انى اروى الصحيفة الكاملة عن مولاى ومولى الانام سيد الساجدين على بن الحسين (ع) مناولة عن صاحب الزمان وخليفة الرحمن الحجة بن الحسن (ع) بين النوم واليقظة ثم ذكر ملخص ما ذكره في شرح الفقيه منه ره. (1) مقابس الانوار ص 22

[117]

العلمية والعملية صاحب النفس القدسية والسمات الملكوتية والكرامات السنية والمقامات العلية ناشر الأخبار الدينية والآثار اللدنية والأحكام النبوية والأعلام الإمامية العالم العلم الرباني المؤيد بالتأييد السبحاني المولى محمد تقي ابن المجلسي الإصفهاني قدس الله روحه ونور ضريحه. واعلم أنه قد ظهر من مطاوي الحكايات السابقة وجه ما اشتهر من ميله إلى التصوف، حتى أن معاصره مير محمد لوحي الملقب بالمطهر قد أكثر في أربعينه من الطعن عليه وعلى ولده الأجل، ونسبتهما إليه وإلى غيره مما لا يليق بهما، وكذا صحة ما صرح به ولده العلامة وغيره من براءة ساحته عن ذلك، فان المنفي عنه عقائدهم الباطلة، وآرائهم الكاسدة التي لا يتوهم ميله إليها، وإنما كان له همة علية وعزيمة قويمة، في تهذيب النفس وتخليتها عن الرذايل والملكات الردية، وهذا أمر مطلوب محبوب قد أكثر في الكتاب والسنة من الأمر به بل لا شئ بعد المعارف ألزم وأهم منه إذ لا ينتفع بشئ من العلوم الشرعية بدونه، ويشارك الصوفية أهل الشرع في هذا الغرض الأهم وظلبه، وفي بعض طرق تحصيله، وإنما يفترقان في ساير طرق الوصول إليه. ومما يشتركان فيه المواظبة على عمل مخصوص أربعين يوما، وقد ذكرنا في حواشي كتابنا المسمى بكلمة طيبة أربعين خبرا يستظهر منها أن في المواظبة على شئ حسن أو قبيح أربعين يوما تأثيرا في الانتقال من حال إلى حال، وصفة إلى صفة حسنة كانت أو قبيحة، وقد صرح العلامة المجلسي - ره - في أجوبة المسائل الهندية أنه كان يواظب عليه في أغلب السنين، وكذا والده المعظم، نعم تهذيبه بالطرق الغير الشرعية والأعمال المبتدعة، والأوراد المحترمة، من خصايص هذه الفرقة المبتذعة وإليه يشير ما في الدروس في بحث المكاسب بقوله: ويحرم الكهانة إلى قوله وتصفية النفس. والمولى المزبور كان في أوائل سيره وسلوكه يميل إلى بعض طرقهم لكثرة شوقه إليه كما يظهر من رسالته السير والسلوك وبعض الأشعار التي رأيتها بخطه في بعض
[118]

المجاميع، ولكن صار ببركة خدمة أخبار الأئمة الطاهرين عليهم السلام وهمته في نشرها وتصحيحها ومقابلتها حتى بلغ أمره في ذلك أن نقش على فص علامته البلوغ بالسماع أو القراءة، كان يختم به الموضع الذي ينتهى إليه العرض في يومه، مجانبا لها معرضا عنها، واصلا إلى مقام سنى لا يصل إليه إلا الأوحدي من العلماء. الثاني في شرح اجمال حال ذرارى والديه قال في مرآت الأحوال: إنه كان للمولى المعظم محمد تقي المجلسي - ره - ثلاثة أولاد ذكور الأكبر المولى عزيز الله، والأوسط المولى عبد الله، والأصغر مولانا العلامة محمد باقر، وأربعة بنات إحداها الفاضلة الصالحة المقدسة آمنة بيكم زوجة العلامة الفهامة المولى محمد صالح المازندراني شارح الكافي، والثانية زوجة العلام المولى محمد علي الاسترابادي، والثالثة زوجة العالم الوحيد الا ميرزا محمد بن الحسن الشيرواني الشهير بملا ميرزا صاحب الحواشي المعروفة على المعالم وغيره، والرابعة زوجة الفاضل المتبحر الا ميرزا كمال الدين محمد الفسوى شارح الشافية. أما الفاضل اللبيب العارف الأديب جامع الفضايل المولى عزيز الله (1) أكبر أولاد المولى المزبور - ره - فقد كان حاويا لكمالات كثيرة وحيدا في تهذيب الأخلاق قرء على والده وعلى غيره من العلماء العظام، واستفاد منهم العلوم الدينية، وله حواشي على المدارك والتهذيب، وكان قليل النظير في حسن العبارة، وإنشاء وقايع الروم له مشهور، وقد بلغ الغاية في القدس والورع والصلاح وحسن الخلق، وكان مستجاب الدعوة، ومع ذلك كان في التمول ثاني الا ميرزا محمد تقي التاجر العباس آبادي المشهور " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة " خلف ابنا وبنتين توفيتا بلا عقب.
(1) هو الفاضل اللبيب العارف الاديب جامع الفضائل صاحب ورع وتقوى مهذب الاخلاق حسن العبارة والانشاء صاحب الحواشى والتعليقات على المدارك والتهذيب وغيره فوائد الرضوية: 632 -

[119]

أما الابن فهو الفاضل النحرير الآميرزا محمد كاظم عليه الرحمة، وكان في جميع المراتب ثاني والده خلف ابنين وبنتين: أما الابن فأحدهما المغفور الا ميرزا محمد تقي المعروف (1) بألماسي فان والده نصب في داخل شباك أمير المؤمنين عليه السلام عند الموضع المعروف بجاي دوانگشت حجرا من الجوهرة المعروفة بألماس، كان قيمته في ذلك الوقت سبعة آلاف توامين، وهو موجود إلى الآن في الموضع المذكور، ولهذا لقب بألماسي، وكان في مراتب العلم والعمل فريد عصره، اشتغل بصلاة الجمعة والجماعة بإصفهان في أواخر سلطنة نادر شاه، وله رسائل عديدة، توفي في شهر شعبان سنة ألف ومأة وتسعة وخمسين. وفي تتميم أمل الامل: ميرزا محمد تقي الإصبهاني الشمس آبادي المشهور بألماسي (2) كان من الفضلاء المقدسين والعلماء المترهبين، متعبدا زاهدا ناسكا بكاء لخوف الله، دائم الحزن من عذاب الله، متحرزا عن عقاب الله، أقام الجمعة في إصبهان سنين، و وصل إليهم فيضه حينا بعد حين، وقبر في قبر مولانا محمد تقي المجلسي ما بين الخمسين والستين. وقال تلميذه الفاضل المتبحر الخبير الامير محمد باقر الشريف الإصبهاني في كتاب نور العيون في المظهر الثاني من التنوير العاشر في ذكر من رأى الحجة عليه السلام في الغيبة الكبرى بعد ما ذكر أنه رأى رسالة بخط الفاضل فيمن رآه عليه السلام واسمه بهجة الأولياء
(1) الروضات: 118 - فوائد الرضوية 439. (2) والظاهر أنه لم يعرف نسبه كما لم يعرف وجه تسميته بالماسى فقال في الحاشية: الالماس على وزن الافعال يطلق على ما يبرئ به القلم قال في النصاب: الالماس قلمتراش وملماس قلم وعلى الحجر الابيض المشهور الثمين الغالى ولم يعرف تسميته به انتهى. ثم ان القياس يقتضى أن يكون النسبة إليه ماسى فان صاحب القاموس ذكر الحجر المعروف في م وس لا في ل م س وقال: ولا تقل الماس بالتنوين فانه لحن، ولعله مبنى على قطع همزة لام التعريف فهو في عرف العامة أيضا منقول عن المعرف فتنوينه لحن في لحن، ولكن صار بناء الكلام على أغلاط العامة: ولا بأس به بعد الاشتهار منه.

[120]

ولم يتمه حتى توفي ما لفظه: إن الا ميرزا المزبور المبرور ابن ابن أخي العلامة مولانا محمد باقر المجلسي وسبطه من بنته وكان عالما فاضلا ورعا دينا وكان في الزهد والعبادة وحيد عصره، وفي الفقه والحديث مرجع الطلاب، وبالتماس جماعة من الفضلاء والأعيان تولى صلاة الجمعة في المسجد الجديد العباسي باصبهان مع احتياط تام، وكان يخطب بخطب بليغة فصيحة، وكان لا يفتر عن البكاء حين الخطبة بلحظة. وقد قرأت عليه كثيرا من الأحاديث والرجال، وقدرا من الفقه والفروع وغيره وكان يلطف بي ويشفق على أكثر من الوالد الشفيق، وهو أول من أجازني في الفقه والأحاديث والأدعية، وتوفي في سنة 1195 وبعد فوته أصاب اصفهان حوادث كثيرة انتهى. وفي المرآة أنه خلف ثلاثة بنين أكبرهم الا ميرزا عزيز الله والد العالم الجليل الا ميرزا حيدر علي الذي يأتي ذكره، وكان فاضلا حسن الخلق، له رسالة في اصول الدين، وكان ماهرا في ذكر التاريخ، توفى سنة ألف ومأتا وثلاثة وستين، وأوسطهم الا ميرزا أبو القاسم وأصغرهم الا ميرزا أبو طالب. والابن الثاني للاميرزا محمد كاظم ابن المولى عزيز الله أخ الفاضل الالماسي الا ميرزا محمد علي وكان موصوفا بالفضايل الصورية والمعنوية، معروفا بالزهد والتقوى، خلف ابنا وبنتا أما الابن فهو جناب الا ميرزا محمد رضا المشهور بآغا محمد، وكان له بنون و بنتان إحداهما زوجة المعظم الآغا محمد باقر ابن الامير محمد صالح الشهير بآقا تكمه دوز وابن أخي العالم الامير محمد حسين ابن العلامة الأمير محمد صالح الخواتون آبادي الذي يأتي ذكره، ولم يخلف من بناته أحدا. وأما أولاد بنت الآميرزا كاظم ابن مولى عزيز الله، وهي اخت الفاضل الالماسي من المرحوم آقا رضي ابن المولى محمد نصير ابن المولى عبد الله ابن المولى محمد تقي المجلسي - ره - فابنان وبنتان أكبر الولدين يسمى الا ميرزا محمد شفيع تزوج بنت
[121]

الفاضل المقدس المولى محمد قاسم الهزار جريبي، فولدت له ابنا وهو المولى محمد نصير المشهور بآغا ميرزا، وكان في هزارة قندهار، وله عقب هناك، وأصغرهما الا ميرزا يحيى وولده منحصر في ابن هو الأميرزا محمد صالح المشهور بميرزا كوچك، وتزوج باخت الأميرزا حيدر علي كما يأتي. وأما البنتان فاحداهما زوجة الفاضل المقدس آغا محمد مهدي منجم باشي الذي كان في لاهيجان ولم تخلف أحدا، والاخرى زوجة الا ميرزا محمد مهدي التاجر العباس آبادي، وولدت له ابنا يسمى آغا كوچك وكان له ابن يسمى الا ميرزا محمد باقر و تزوجت بعده بالفاضل المرحوم مير حبيب الأحمد الآبادي، وولدت له بنتا كانت زوجة الا ميرزا فتح الله والدة الا ميرزا محمد علي التاجر، وبنتا اخرى كانت زوجة الأميرزا أبي طالب ابن الفاضل المقدس الألماسي وولدت له ابنا يسمى الأميرزا حسن المشهور بآغا ميرزا، وبنتا كانت زوجة الأميرزا حيدر علي. وأما ولد الأميرزا عزيز الله ابن الا ميرزا محمد تقي الماسي فثلاثة أحدها ذكور وهو العالم الفاضل الفهامة الأميرزا حيدر علي، كان حاويا لأنواع الفضائل ومراتب التقوى، كاملا في العلوم العقلية والنقلية، من أفاضل العلماء الأعلام، وكان برهة من الزمان في دار السلطنة اصبهان ملجأ للخاص والعام، وكان حافظا لأنساب السلسلة الجليلة المجلسية، وله رسالة في ذلك. وخلف خمسة ذكور وهم الفاضل الأميرزا محمد علي وكان من صبية عمه الأميرزا أبو طالب، وكان تحته بنت الأميرزا محمد صادق ابن العلامة المجلسي خلف منها ابنا اسمه آغا محمد. والباقي الأميرزا محمد كاظم، والأميرزا محمد تقي والآميرزا عزيز الله، والاميرزا محمد صالح الملقب بآغا بزرك وبنتان كلهم من صبية الفاضل آغا محمد هادي بن آغا محمد علي بن آغا محمد هادي ابن الفاضل العلامة المولى الجليل المولى محمد صالح المازندراني. وأما اخت الفاضل المزبور فاحداهما زوجة آغا عبد الغني، وكان في قصبة
[122]

قمشه، ولدت له ذكرين وبنتا كانت تحت رجل يسمى قهرمان، وكلهم في طهران والثانية زوجة المرحوم الا ميرزا كوچك بن الا ميرزا يحيى المشهور بميرزا بابا. وأما ولد الفاضل الا ميرزا أبو القاسم بن الا ميرزا محمد تقي فثلاثة ذكور: وهم الا ميرزا أحمد، والاميرزا محمد محسن، والاميرزا محمد تقي، وبنت كانت تحت ابن عمها الا ميرزا محمد حسين بن الا ميرزا أبو طالب. وأما ولد الفاضل الا ميرزا أبو طالب بن الا ميرزا محمد تقي فهم أربعة أحدهم حسن الخلق والسيرة الا ميرزا حسن علي المشهور بآغا ميرزا هو واخته الكبرى التي كانت تحت الا ميرزا محمد علي بن الا ميرزا حيدر علي من بنت مير حبيب الله السابق ذكره، والثاني الا ميرزا محمد حسين وهو واخته الاخرى من حفيدة بنت الا ميرزا محمد جعفر بن غواص بحار الأنوار رحمهم الله. وأما العالم الفاضل المقدس الصالح نقاوة الفضلاء والمجتهدين المولى عبد الله (1) أوسط أولاد المولى محمد تقي المجلسي - ره - فقد كان أوحدي زمانه في القدس والفضل، له تعليقات شريفة على كتاب حديقة المتقين تأليف والده، يظهر منه فضله وتبحره. وفي رياض العلماء: المولى عبد الله ابن المولى محمد تقي المجلسي الإصفهاني فقيه واعظ عالم صالح ناقد لعلم الرجال، جليل محدث ورع عابد، وهو الأخ الأكبر للاستاد الاستناد - ره -، وكان في أوايل حاله في حياة والده في اصفهان قد قرء على والده العلامة في الشرعيات، والعقليات على الاستاد المحقق واتفق أنه ذهب إلى بلاد الهند بعد وفاة والده وكان هناك أيضا مشوش البال لحكايات يطول ذكرها، وأقام بها إلى أن مات غما فيها روح الله روحه سنة أربع وثمانين وألف تقريبا. وله من المؤلفات شرح تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي لم يتم، رأيته في المشهد المقدس الرضوي وهو لا يخلو من فوايد وقد تعرض فيه لكلام الاستاد المحقق في شرح الدروس، وله غير ذلك من الفوايد والتعليقات.
(1) مرات الاحوال ص رياض العلماء ص اللؤلوة ص

[123]

في مرآة الأحوال: أنه خلف ثلاث بنين أحدهم الفاضل العلامة المولى محمد نصير الدين، والثاني المقدس العالم الصالح المولى زين العابدين، والثالث العالم الزاهد المتقي المولى محمد تقي. أما المولى محمد نصير فقد كان فاضلا قليل النظير، له ترجمة فتن البحار، وله حواشي على شرح اللمعة، وابنه آغا رضي السابق ذكره صهر الأميرزا كاظم ابن المولى عزيز الله على بنته، وقد مر ذكر ولده واخته، وبنته كانت تحت المرحوم مير أبو طالب ابن السيد الفاضل الامير أبو المعالى الطباطبائي. وفي رياض العلماء: ولهذا المولى أي المولى عبد الله أولاد أمجاد أمثلهم المولى الفاضل مولانا محمد نصير وهو أيضا فاضل عالم جامع، وله من المؤلفات رسالة في إثبات رؤية الحق وذكر فيها كثيرا من أخبار الإمامية في وقوع ذلك فكيف جوازه، وله تعليقات على أكثر الكتب الفقهية والحديثية وغيرها، منها على شرح اللمعة الشهيدية. وأما المولى زين العابدين ففي المرآة كان زاهدا ورعا مشغولا بتحصيل العلم، خلف ابنا يسمى المولى محمد مؤمن، وخلف هو ابنا يسمى بآغا حسين الشهير بجني، كان مجاورا في النجف وبنتين إحداهما كانت تحت آغا أمين رج كش خلف ابنا اسمه ميرزا جعفر گازر، وولده باصبهان، والابن الآخر للمولى المزبور آقا عبد الله خلف ابنا اسمه آقا محسن، توفي مع والده في طريق المشهد الرضوي، خلف ابنا اسمه حاجي محمد علي كان صحافا في كربلا، وبنتين إحداهما كانت تحت آغا حسين المزبور، وكان للمولى المزبور بنتا كانت تحت السيد حسين في اصبهان. وأما ولد المولى محمد تقي ابن مولى عبد الله، فقد كان له ابن يسمى الا ميرزا محمد علي كان خالا للاميرزا حيدر علي السابق ذكره، وله بنت كانت تحت آغا هادي في اصفهان، وثلاث بنات إحداهن زوجة الا ميرزا عزيز الله المقدس الالماسي والدة الا ميرزا حيدر علي، والاخرى زوجة آقا عبد الله المجلسي، والاخرى زوجة الفاضل العلامة
[124]

المولى محمد طاهر. وأما بنات المولى محمد تقى المجلسي - ره - فاحداهن آمنة بيكم: في رياض العلماء آمنة خاتون بنت المولى محمد تقي المجلسي، فاضلة عالمة متقية، وكانت تحت المولى محمد صالح المازندراني، وسمعنا أن زوجها مع غاية فضله قد يستفسر عنها في حل بعض عبارات قواعد العلامة، وهي اخت الاستاد الاستناد مد ظله. وفي مرآة الأحوال: كانت فاضلة صالحة وذكر في جملة أحوال زوجها العالم الرباني ما معناه: أن أباه المولى أحمد المازندراني كان في غاية من الفقر والفاقة، فقال يوما لولده إني لا أقدر على تحمل نفقتك، ولابد من السعي للمعاش وأنت في سعة من جانبي، فاطلب لنفسك ما تريد، فهاجر المولى المزبور إلى اصبهان وسكن في المدرسة، وكان للمدارس وظايف معينة من طرف السلاطين يعطى كل طلبة على حسب رتبته. ولما كان المولى المعظم أول تحصيله كان سهمه منها كل يوم غازين، وهي غير وافية لمصارف أكله فضلا عن ساير لوازم معاشه، ومضى عليه مدة لم يتمكن من تحصيل ضوء لمطالعته في الليل، وكان يقنع بضوء سراج بيت الخلا، وكان يطالع بمعونته واقفا على قدميه إلى الصباح حتى صار في مدة قليلة قابلا للتلقي من المولى محمد تقي المجلسي - ره - فحضر في مجلس درسه في عداد العلماء الأعلام إلى أن فاق عليهم. وكان للمولى الجليل استاده شفقة تامة عليه، وكان على جرحه وتعديله في المسائل وفي خلال ذلك حصل له رغبة في التزويج، وعرف ذلك منه استاذه، فقال له يوما بعد التدريس: إن أذنت لي ازوجك امرأة فاستحى منه ثم أذن له فدخل المولى في بيته وطلب بنته الفاضلة المقدسة المجتهدة البالغة في العلوم حد الكمال وقال: عينت لك زوجا في غاية من الفقر ومنتهى من الفضل والصلاح والكمال، وهو موقوف على إذنك ورضاك، فقالت الصالحة: ليس الفقر عيبا في الرجال فهيأ والدها المعظم مجلسا
[125]

عاليا وزوجها. فلما كانت ليلة الزفاف ودخل عليها زوجها، ورفع البرقع عن وجهها ونظر إلى وجهها وجمالها عمد إلى زاوية البيت وحمد الله شكرا واشتغل بالمطالعة، واتفق أنه ورد على مسألة مشكلة لم يقدر على حلها وعرف ذلك منه الفاضلة آمنة بيكم بحسن فراستها وتدبيرها، فلما خرج المولى من الدار للبحث والتدريس عمدت إلى تلك المسألة وكتبتها مشروحة مبسوطة ووضعتها في مقامها، فلما دخل الليل وصار وقت المطالعة، وعثر المولى على المكتوب وقد حل له ما أشكل عليه، سجد لله شكرا واشتغل بالعبادة إلى الفجر، وطالت مقدمة الزفاف إلى ثلاثة أيام، واطلع على ذلك والدها المعظم فقال: إن لم تكن هذه الزوجة مرضية لك ازوجها غيرها ؟ فقال: ليس الأمر كما توهم، بل المقصود أداء الشكر، وكلما أجهد نفسي في العبادة لا أبلغ أداء شكر ذرة من هذه العناية الربانية فقال - ره -: الاقرار بالعجز غاية شكر العباد. وسمعت من جماعة من الثقات أن المولى المزبور كان يقول: أنا حجة على الطلاب من جانب رب الأرباب لأنه لم يكن في الفقر أحد أفقر مني، وقد مضى علي برهة لم أقدر على ضوء غير سراج بيت الخلا، وأما في قلة الحافظة والذهن فلم يكن أسوء مني كنت أضل من بيتي، وأنسى أسامي ولدي وابتدءت بتعلم حروف التهجي بعد مضى ثلاثين من عمري، وقد بذلت مجهودي حتى من الله تعالى على بما قسم لي. وأما شراح ولده وذريته ذكورا واناثا من الصالحة المذكورة فأولهم الفاضل المقدس العلامة آغا محمد هادي صاحب التصانيف العديدة كترجمة القرآن، وشرح الكافي والكافية وغيرها، والفضائل الكثيرة، وكان ظريف الطبع حسن الجواب، خلف أربعة ذكور وهم: آقا محمد علي وآغا محمد مهدي وآغا علي أصغر وآغا محمد تقي، وخلف آغا محمد علي بنتا وابنا، وهو الفاضل آغا محمد هادي خلف هو ابنين أحدهما الا ميرزا محمد علي المشهور بآغا ميرزا والآخر الا ميرزا حسن علي ولكل منهما عقب وبنات كانت إحداهن
[126]

تحت المرحوم الا ميرزا حيدر علي، وكان لآغا علي أصغر عقب من الاناث. وكان للفاضل آغا محمد هادي بنتان أحداهما تحت الفاضل العلامة آغا محمد تقي ابن المولى محمد قاسم من أحفاد الفاضل النحرير المولى محمد علي الاسترآبادي والدة الحاج مهدي الشهير بكفن نويس، والحاج محمد علي، والاخرى تحت الحاج محمد ابن أخى آغا محمد تقي خلفت ابنا اسمه حاجي ميرزا وبنتا. وفي الاجازة الكبيرة للسيد الأيد السيد عبد الله شارح النخبة وسبط المحدث الجزايري آغا محمد رضا بن المولى محمد هادي بن المولى محمد صالح الطبرسي المازندراني كان فاضلا محققا متكلما رفيع المنزلة مدرسا في مدرسة خير آباد من أعمال بهبهان قدم إلينا وهو متوجه إلى العراق للزيارة ثم اجتمعت به في بهبهان وحضرت درسه بشرح اللمعة توفي عشر الخمسين رحمة الله عليه انتهى، والعجب سقوط هذا الجليل من نظر صاحب مرآت الأحوال مع بنائه على استقصاء هذه السلسلة. والثاني المولى الفاضل زبدة الأطياب العالم الرباني، والفاضل الصمداني، الفقيه الذي لم يكن له عديل آغا نور الدين محمد خلف ابنا اسمه آغا رحيم، وبنتا كانت تحت آغا مهدي بن آغا محمد هادي المتقدم، وبنتين إحداهما كانت تحت المولى المقدس جامع الفضائل وحاوي الفواضل الآغا محمد أكمل. قال ولده الاستاد الأكبر ومروج المذهب والدين في رأس المأة الثانية عشر استاد المتأخرين آغا محمد باقر في إجازته للعلامة الطباطبائي المدعو ببحر العلوم أعلى الله مقامهما، وهي موجودة عندي بخطه الشريف وخاتمه المبارك ما لفظه بعد الحمد والصلاة: فقد استجازني الولد الأعز الأمجد المؤيد الموفق المسدد والفطن الأرشد والمحقق المدقق الأسعد، ولدي الروحاني العالم الزكي، والفاضل الذكي والمتتبع المطلع الألمعي السيد السند النجيب الأمير محمد مهدي، ولد العالم الكامل الدين والسيد الأنجب المتدين الفاضل المهتدي السيد مرتضى الطباطبائي أدام الله توفيقهما وتأييدهما و
[127]

تسديدهما وتشييدهما فوجدته أدام الله توفيقاته أهلا للإجازة فأجزته أن يروي عني جميع مصنفاتي ومؤلفاتي ومسموعاتي ومقرواتي على أساتيدي العظام ومشايخي الكرام منهم الوالد الماجد العالم الفاضل الكامل الماهر المحقق المدقق الباذل بل الأعلم الأفضل الأكمل استاد الأساتيد والفضلاء، شيخ المشايخ العظماء العلماء الفقهاء مولانا محمد أكملا غمره الله تعالى في رحمته الواسعة وألطافه البالغة عن أساتيده الأعاظم الخ. والغرض عن نقل هذه العبارة دفع توهم أن المولى المذكور غير معدود من العلماء، وإنما هو من مشايخ الإجازة كما في إجازة العالم المبجل السيد محمد شفيع الجاپلقي المعاصر - ره - حيث قال: ولم أطلع على أحواله غير أنه من مشايخ الاجازة ويروى عنه الأجلة، واعتمد عليه ابنه استاد الكل، والظاهر أنه في كمال الوثاقة والديانة انتهى. وخلف المولى المزبور من بنت آغا نور الدين الاستاد الاكبر آغا محمد علي وآغا محمد حسين وآغا حسن رضا وابنتين وخلف الاستاد الأكبر أعلى الله مقامه جامع المعقول والمنقول آغا محمد علي الذي قال والده في حقه: إنه بهاء الدين هذا العصر المتوفى سنة 1216 صاحب المقامع وكتاب في الامامة، وكتاب في النبوة، وشرح ديباجة المفاتيح اثنا عشر ألف بيت، وشرح المطاعم والمواريث منه، وخوان الاخوان أربع مجلدات، وخيراتية في إبطال الصوفية، وقطع القال والقيل في انفعال الماء القليل، وخمس رسائل مبسوطة ومختصرة في مناسك الحج، ورسالتين في تاريخ الحرمين ورسالة سهو الأقلام، ورسالة في تفضيل الحسنين على فاطمة عليهم السلام، ورسالة تجدد الاعسار بعد اليسار، والحواشي على نقد الرجال وهو والد العلماء الأعلام: الاول: آغا محمد جعفر صاحب شرح المفاتيح والنافع والحواشي على العميدي والمعالم ومتون ورسائل ومجاميع وهو والد العالم الفقيه آغا عبد الله وآغا محمد صادق وآغا محمد كاظم وآغا محمد تقي. الثاني: آغا أحمد صاحب مؤلفات كثيرة منها مرآت الأحوال والد آغا
[128]

محمد إبراهيم. الثالث: المولى الجليل آغا محمد إسماعيل والد المولى العظيم الشأن آغا محمد صالح. الرابع: العالم الفقيه العارف آغا محمود والخلف الثاني للاستاد الأكبر صاحب المفاخر والمناقب المبرء من الدرن والشين آغا عبد الحسين وكان عالما برا تقيا ورعا زاهدا عزوفا عن الدنيا له حواشى على المعالم، ولكل من هؤلاء أحفاد وأولاد من العلماء والأخيار ولهم مصنفات ورسائل يحتاج ضبطهم وشرح حالهم وذكر مؤلفاتهم إلى رسالة اخرى. وللاستاد الأكبر بنت كانت تحت سيد الفقهاء صاحب الرياض وأما بنت العالم المولى محمد أكمل فاحداها كانت تحت السيد الأجل السيد محمد علي المدعو بآغا سيد والد صاحب الرياض، والآخر تحت المقدس الصالح الأمير سيد علي الكبير، والبنت الاخرى لآغا نور الدين كانت تحت المغفور آقا محمد تقي خلف ابنا اسمه آغا علي نقي والد الفاضل الا ميرزا عبد الرزاق المتولي للامور الشرعية في اصبهان. الثالث العالم الأديب، والفاضل اللبيب آغا محمد سعيد المتخلص بأشرف، كان شاعرا بليغا ومتكلما فصيحا حسن الخط والخلق والبيان والعطاء، هاجر إلى هند في عهد السلطان محمد أورنك زيب عالمگير (1) في شاهجان آباد فقر به السلطان، وألطف
(1) كان هذا الملك سنيا متعصبا متصلبا وهو ابن الشاه جهان (جهانگير شاه) (الذى قتل في عصره سيدنا العلامة الشهيد القاضى نور الله المرعشي التسترى ره صاحب احقاق الحق والمجالس وغيره) ابن اكبر شاه الهندي وكان لاورنك زيب عالمگير كاتبا مورخا شاعرا اماميا متعصبا مسمى به نعمت خان عالى تاريخ نگار انشد له قصيدة في معراج النبي صلى الله عليه وآله ومدح على عليه السلام ومثالب الخلفاء بلسان المدح بالفارسي أولها: سينه من گلشن است چاك خيابان أو * هر الفى در فراق سير ونمايان أو إلى ان يقول: نيم شبى جبرئيل رفت سوى آن خليل * داد پيام خدا خالق منان أو

[129]

به، وجعله معلما لبنته من وراء الستر، فصارت في مدة قليلة أديبة شاعرة مجيدة معروفة في بلاد الهند. خلف ابنا وهو الفاضل العلام المولى محمد أمين، له شرح مبسوط على التهذيب في الكلام للتفتازاني، وابنا آخر اسمه الا ميرزا محمد علي المتخلص بدانا، هاجر إلى بنكالة من بلاد الهند، وله عقب هناك، وبنتا تسمى بزينب بيگم كانت تحت المولى محمد تقي ابن المولى عبد الله ابن المولى محمد تقي المجلسي وله بنت تسمى مريم بيكم كانت زوجة الا ميرزا عزيز الله بن المقدس الألماسي ووالدة الأميرزا حيدر علي. الرابع الفاضل الأديب والعالم الأريب آغا حسن علي هاجر إلى هند في عنفوان شبابه، وصار معززا محترما عند الامراء والحكام، واشتهر في تلك البلاد بحسن علي خان، خلف ابنا اسمه ميرزا علي أشرف وعقبه في اصبهان، وبنتا كانت تحت الفاضل آغا حسن علي بن آغا محمد هادي الثاني وساير ولده بهند. الخامس: المقدس الصالح آغا عبد الباقي كان جامعا للفضائل، وحاويا للفواضل
خيز ز فرش برين آى بعرش برين * حكم خدا شد چنين باش بفرمان أو برد نبى را ملك تا بحد نه فلك * هركه بياورد شك واى برايمان أو نعل كميت قلم سوده بميدان نعت * به كه بگردانمش در حق ياران أو الى ان يقول: خاك در مصطفى آب رخ انبيا است * زينت عرش برين زينت ايوان أو مهر نمايد غروب ماه نمايد طلوع * بعد نبى مرتضى است من ز غلامان أو نفس رسول خداست به زهمه انبيا است * دعوى من گوش كن اين همه برهان أو حضرت آدم بمنع دست ز گندم نداشت * أو بجهان واگذاشت نعمت الوان أو نوح ز امر خدا نام على تا نبرد * كشتيش ايمن نشد زآفت طوفان أو كرد چو نمرود عاد ظلم وستم بر خليل * داد نجاتش على ز آتش سوزان أو اوز خضر بهتر است درره دين رهبر است * چشمه كوثر بود چشمه عرفان أو عيسى اگرمى دميدجان به تن مردگان * اوبه ندا زنده كرد راهب بى جان أو

[130]

عالما فقيها كاملا، خلف ابنا وهو الفاضل الكامل المولى محمد صالح الشهير بآغا بزرك هاجر إلى هند في أوائل سنه، وكان معززا مبجلا فيه، خلف ابنا وهو صاحب الكمالات المرضية آغا علاء الدين محمد، وله ولد وحكايات في بنگالة من بلاد الهند يطلب من مرآت الأحوال. السادس: العالم الورع آغا محمد حسين رأيت نسخة من كتاب الفقيه عليها حواشي كثيرة بخطه - ره - وهو في غاية الحسن والجودة، وتدل على فضله وكماله وعقبه غير معلوم. السابع: بنت كانت تحت العالم النحرير الأمير أبو المعالي الكبير خلف أربع بنين وبنتين أحدهم الفاضل المقدس العلامة الأمير أبو طالب، خلف بنتا كانت تحت العالم الجليل السيد محمد البروجردي ابن السيد عبد الكريم ابن السيد مراد ابن الشاه أسد الله ابن السيد جلال الدين أمير ابن الحسن بن مجد الدين بن قوام الدين بن إسماعيل بن عباد بن أبي المكارم بن عباد بن أبي المجد بن عباد بن علي بن حمزة بن طاهر بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الملقب بطباطبا ابن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغمر ابن الحسن المثنى ابن المجتبى الحسن بن أمير المؤمنين عليهم السلام. قال السيد الأجل الأواه السيد عبد الله سبط المحدث الجزايري في إجازته الكبيرة: السيد محمد الطباطبائي ابن اخت المولى محمد باقر المجلسي: كان علامة محققا واسع العلم كثير الرواية، وله مصنفات كثيرة منها شرح المفاتيح لم يتم، ورسالة في تحقيق معنى الايمان أدرج فيها فوائد مهمة ناولني منها نسخة رأيته أوقات إقامته في بروجرد، وتجارينا في كثير من المسائل الفقهية فرأيته بحرا ضافيا انتقل بأهله إلى العراق وأقام مدة، ثم خرج منه معاودا إلى بروجرد ووصل إلى كرمانشاه فعرض عليه أهله الاقامة عندهم، فلبث هناك إلى أن توفى - ره - انتهى. خلف بنتا كانت تحت الاستاد الأكبر العلامة البهبهاني طاب ثراه وهي ام العالم
[131]

العلام آغا محمد علي وابنا وهو السيد الجليل السيد مرتضى خلف ابنين أحدهما السيد جواد والد السيد علي نقي، وهو والد العالم الأجل الأسعد الا ميرزا محمود البروجردي المعاصر قدس سره قال في حاشية مواهبه، وهو شرح الدرة الغروية في ترجمة أجداده بعد ذكر سلسلة آبائه ما لفظه: السيد محمد (1) هذا من أجلة السادة المجتهدين، وأعاظم العلماء والفقهاء الراشدين، كان حاويا للفروع والاصول، جامعا للمنقول والمعقول، له مصنفات منها شرح المفاتيح وقفت منها على مجلدين، رسالة في تحقيق الايمان والإسلام، رسالة في مواليد النبي والأئمة عليهم السلام وعدد أولادهم وزوجاتهم وأيام وفاتهم ومكان دفنهم وشرح على الزيارة الجامعة، رسالة في حكم الصوم يوم العاشورا، وربما نسب إليه رسالة في أسرار أشكال الخاصة لحروف التهجي كان ميلاده الشريف باصفهان، وموطنه النجف على ما وجدته بخط جدي الجواد، وقبره ببلدة بروجرد مزار معروف. قال: وله طاب ثراه عدة أولاد ذكور، منهم جدي السيد المرتضى، والسيد رضي، والسيد رضا، والسيد علي، والسيد مرتضى، كان عالما جليلا ولم أقف له على مصنف سوى مجلد في شرح بعض مباحث صلاة الكفاية، وله عدة أولاد منهم جدي الماجد الجواد وكان فاضلا جليلا عابدا وقورا عظيما في عيون الامراء والحكام، توفي في شوال سنة 1242 وله عدة أولاد أكبرهم والدي الماجد كان عالما جليلا مجتهدا زاهدا ورعا، دقيق النظر وعد من مؤلفاته الحاشية على الزبدة و القوانين توفي سنة 1249 انتهى. الثاني من ولد السيد المرتضى المذكور آية الله في أرضه، فخر الشيعة بل المسلمين وتاج العلماء الراشدين صاحب الكرامات الباهرة السيد محمد مهدي المدعو ببحر العلوم (2) اعلى الله تعالى مقامه وكانت اخت المولى نصير ابن المولى عبد الله ابن
(1) أقول وهذا الجد الرابع لسيدنا العلامة المرحوم الزعيم الاعظم الدينى الحاج الاغا حسين البروجردي الطباطبائى. (2) وقد مر ترجمته ومآثره في أول الكتاب.

[132]

المولى محمد تقي المجلسي وبنته تحت السيد مير أبو طالب، فنسب العلامة الطباطبائي ينتهي إلى المجلسي من طريقين. وخلف الا ميرزا أبو طالب ابنا وهو السيد العلامة الوحيد الامير سيد حسن خلف ابنا وهو الفاضل فقيه عصره السيد محمد وابنا آخر وهو الأمير سيد علي لا عقب له، وعقب أخوه الفاضل آغا سيد عبد الله وآغا سيد تقي وآغا سيد علي وآغا سيد حسين وبناتا وكلهم في كازرون من بلاد فارس في نهاية العزة والجلال. وكان المتولي للامور الشرعية السيد عبد الله خلف السيد مهدي والسيد حسن والسيد محمود وبنتا وخلف آغا سيد تقي السيد مهدي وبنتين كانت إحداهما تحت السيد مهدي المزبور. وكانت بنت الأمير سيد علي الكبير تحت آغا سيد حسين خلف منها السيد حسن والسيد محمد علي الملقب بميرزا كوچك ومن غيرها بنتا وخلف آغا سيد علي السيد عابد وبنتا. وخلف الفاضل السيد محمد بناتا كانت إحداهن تحت الأميرزا عبد المجيد خلف الا ميرزا سيد رضي شيخ الاسلام في كازرون خلف ابنين آغا سيد حسن وآغا سيد يحيى وبنتا كانت تحت ابن عمها الأميرزا إسماعيل المشهور بميرزا بابا ابن الأميرزا زكي ابن الأميرزا سيد رضي المذكور. والثانية تحت الفاضل العلام الأميرزا هادي ابن الفاضل آغا محمد حسين أخ الاستاد الأكبر البهبهاني أعلى الله مقامه وله ابن اسمه الأميرزا رضا. والثالثة تحت الأميرزا محسن ابن الأميرزا سيد جعفر القاضي بكازرون عقبت السيد جعفر والسيد معصوم والسيد عبد الرسول والسيد غلام علي وبنتين. والرابعة تحت الا ميرزا أبي الحسن ابن السيد جعفر المذكور خلفت الا ميرزا غلام حسين والأميرزا أبو القاسم. والثاني من ولد الأمير أبو المعالي الكبير المقدس الصالح الأمير سيد علي
[133]

خلف بنتا كانت تحت بعض أحفاد المولى محمد علي الاسترابادي الذي يأتي ذكره عقبت ابنا اسمه حاجي محمد علي العطار عقب ابنا وهو حاجي ميرزا كان مجاورا بكاظمين. والثالث الأمير سيد محمد علي خلف السيد أحمد وخلف هو السيد عبد الحسين وخلف هو السيد باقر وبنتين ماتتا في الطاعون بلا عقب وخلف السيد باقر السيد أحمد المشهور بميرزا بابا، والسيد حسين والسيد علي وبنتين كانت إحداهما تحت آغا سيد علي ابن السيد الأجل السيد محمد المتقدم والاخرى تحت الأميرزا إبراهيم الطبيب ابن الأميرزا إسماعيل الطبيب الإصفهاني خلفت ابنا اسمه الأميرزا مسيح. والرابع الأمير أبو المعالي الصغير خلف ابنا وهو المرحوم آقا سيد محمد علي المشهور بآقا سيد، خلف ابنا وهو سيد الفقهاء والمجتهدين وسند العلماء المتبحرين الأمير سيد علي الطباطبائي صاحب الرياض أعلى الله درجته، وكانت امه اخت الاستاد الأكبر وزوجته بنته، وهي ام السيدين العالمين الكاملين المحققين النحرير المجاهد صاحب المفاتيح والمناهل آغا سيد محمد وكانت بنت العلامة الطباطبائي تحته، والزاهد الورع آغا سيد مهدي وأعقابهم وأحوالهم مشروح في الكتاب المذكور وغيره. والخامس من ولد الأمير أبو المعالي بنت كانت تحت وحيد العصر وفريد الدهر قدوة المحققين المولى محمد رفيع الجيلاني المجاور للمشهد المقدس الرضوي. والسادس بنت كانت تحت المرحوم المقدس الصالح المولى محمد شفيع أخ المولى المذكور والد الفاضل النحرير الأمير محمد علي الصدر. قال السيد عبد الله في إجازته الكبيرة: الميرزا محمد علي ابن أخي المولى رفيع الدين فاضل كثير الذكاء، متكلم جليل حسن الأخلاق، اجتمعت به في المشهد الرضوي
[134]

يشتغل على عمه بالدروس التي كان يلقيها ثم في آذربيجان وهو قاضي العسكر، ثم قدم إلينا وهو صدر الأفاضل، ورأيته في جميع الأحوال على حالة واحدة من حسن التواضع وخفض الجناح والتودد، ولم تغيره المناصب الدنيوية تعاشرت معه كثيرا وتناظرنا في كثير من المسائل الأصلية والفرعية ومعانى الأبيات المشكلة، والنكات الأدبية وهو الآن مقيم ببلدة يزد من بلاد فارس سلمه الله انتهى. وهو رحمه الله والد العالم الفاضل الأوحد الأميرزا أحمد الصدر وأخيه المولى العظيم الشأن الأميرزا محمد رضا وامهما بنت المولى محمد رفيع، وهم وأعقابهم من أهل الفضل والكمال والعطاء والقرب من السلاطين، وإعانة الفقراء والمساكين، وترويج العلماء وأهل الدين، موطنهم يزد، وللمولى بنت اخرى كانت تحت الفاضل المقدس الآميرزا عبد اللطيف، خلف الفاضل الآميرزا محمد محسن والاميرزا محمد تقي وبناتا. والثانية من بنات المولى محمد تقي المجلسي كانت تحت العالم الفاضل المولى محمد علي الاسترابادي، قال الأمير إسماعيل الخاتون آبادي في تاريخ وقايع السنين: توفي الفاضل العالم الكامل أعبد أهل زمانه وأحوطهم في الفتوى، مولانا محمد علي الاسترآبادي في رجب من سنة 1084 وكان ولادته سنة 1010 قدس الله روحه انتهى. وفي كتاب جامع الرواة (1) محمد علي بن أحمد بن كمال الدين حسين الاسترابادي شيخنا واستادنا الإمام العلامة المحقق المدقق النحرير، جليل القدر، رفيع المنزلة عظيم الشأن زكي الخاطر حديد الذهن ثقة ثبت عين وحيد عصره فريد دهره أورع أهل زمانه وأتقاهم وأعبدهم، ولد أول خميس رجب الأصب لحجة عشر وألف من الهجرة الشريفة وتوفى قدس الله روحه الشريف في أول خميس رجب من سنة أربع وتسعين والألف رضي الله عنه وأرضاه انتهى. يروى عن المولى محمد تقي المجلسي - ره - ويروى عن المولى محمد التنكابني الشهير بالسراب المحقق المدقق المشهور.
(1) جامع الرواة ج 2 ص 152.

[135]

خلف الفاضل المقدس العلام المولى محمد شفيع وفي تتميم أمل الامل مولانا محمد شفيع ابن مولانا محمد علي الاسترآبادي من الفضلاء الأعلام والعلماء الأحلام، و الكبراء العظام، وذوي المجد والاحترام، له حواشي على أوائل كتاب الشافي للسيد الأجل المرتضى، وعندي شرح مبسوط على القصيدة المشهورة للفرزدق في مدح سيد العابدين عليه السلام أظن أنه تأليفه وأنه بخطه انتهى. والمولى الصالح كمال الدين حسين. وخلف المولى محمد شفيع المولى محمد قاسم والمولى محمد طاهر وبنتا كانت جدة آغا هادي ابن آغا محمد علي ابن آغا هادي المشهور، وخلف المولى محمد قاسم آغا محمد تقي وآغا عبد الله وابنا كان والد الحاج محمد العطار كما مر وخلف آغا محمد تقي من بنت آغا محمد مهدى آغا هادى ابن المولى محمد صالح الحاج مهدي الشهير بكفن نويس والحاج محمد علي ومن حفيدة المولى ميرزا الشيرواني آغا أبو الحسن وله بنت كانت في النجف، وخلف آغا عبد الله بنتين كانت إحداهما تحت الحاج المهدي المذكور، و خلف المولى محمد طاهر ابنا يقال له آغائي، خلف ابنا اسمه المولى حسين الملقب بميرزا كوچك، خلف بنتا كان في يزد، وخلف المولى كمال الدين حسين آغا محمد باقر وكان في العتبات والأميرزا أحمد وكان بإصبهان خلف الأميرزا كمال الدين حسين الثاني وبنتا. والثالثة من بنات المولى المعظم كانت تحت عمدة المحققين وقدوة المدققين المولى الأميرزا محمد بن الحسن الشيرواني الشهير بملا ميرزا، المدقق المعروف، كان من أكابر الأفاضل وأعيان العلماء، قال الفاضل الحاج محمد الأردبيلي في جامع (1) الرواة: محمد بن الحسن الشيرواني المعروف بمولانا ميرزا العلامة المحقق المدقق الرضي الزكي الفاضل الكامل المتبحر في العلوم كلها دقيق الفطنة كثير الحفظ، أمره في جلالة قدره وعظم شأنه وسمو رتبته وتبحره وكثرة حفظه ودقة نظره وإصابة رأيه وحدسه أشهر من أن يذكر، وفوق ما يحوم حوله العبارة له تصانيف جيدة منها حاشية
(1) جامع الرواة ج 2 ص 92.

[136]

عربية على معالم الاصول، وحاشية فارسية عليه، وحاشية على حكمة العين، و حاشية على الخفري، وحاشية على شرح المختصر، وحاشية على الشرايع، وحاشية على شرح المطالع، وحاشية على الحاشية القديمة، وحاشية على رسالة إثبات الواجب للفاضل الدواني، وله رسائل منها رسالة كائنات الجو، ورسالة موسومة برسالة أسامة ورسالة الاصفية، ورسالة شبهة الاستلزام، ورسالة الانموذج، ورسالة الشكيات، وغيرها، توفي رحمه الله في شهر رمضان سنة ثمان وتسعين بعد الألف رضي الله عنه وأرضاه. وقال الفاضل الألمعي الأمير عبد الحسين ابن الأمير محمد باقر الخواتون آبادي في كتابه الكبير في وقايع السنين ما ترجمته بالعربية: وفات وحيد الزمان فريد الدوران السيد المرتضى والشيخ المفيد والشيخ الطوسي في عصره في ممارسة مطالب الامامة، وما يتعلق بها، والخاجا نصير في عصره في مطالب الهيئة والهندسة والرياضي وغيره آقا خواند المولى ميرزا الشيرواني قدس الله روحه في يوم الجمعة التاسع والعشرين من شهر رمضان سنة 1098 قريب الزوال أو فيه قدس الله روحه، لا يمكن شرح أخلاقه الفاضلة، كان مريضا شديدا في أسافل بدنه سنة ونصف سنة، واشتد المرض وصعب، وكان يزيد صبره وتحمله ولم يخرج من حد اعتداله، ولم يفقد شئ من تفقده على الغني والفقير، والشريف والوضيع وقت العبادة، كان سنه خمس وستين إلا أياما لم يكن ولا يكون له عديل انتهى. وزاد العلامة الطباطبائي في رجاله من تصانيفه حواشي متفرقة على المسالك ورسالة غسل الميت والصلاة عليه، ورسالة في الحبرة العبرية، ورسالة في الصيد والذبايح ورسالة في أن الحية لها نفس أم لا، ومسألة من الزكاة، وجوابات مسائل، و حل عبارات مشكلة من القواعد، ورسالة في العصمة من سورة هل أتى، وشرح الحديث المشهور ستة أشياء ليس للعباد فيها صنع، ورسالة في البدا، ورسالة في النبوة والامامة فارسية، رسالة في الاحباط والتكفير، رسالة في اختلاف الأذهان في النظر و الضروري، مسألة في الاختيار، رسالة في الهندسة، رسالة في سالبة المعدول انتهى.
[137]

خلف من بنت المولى المجلسي - ره -: بنتا وابنا وهو العالم الفاضل المتبحر المولى حيدر علي المتوطن في المشهد الغروي، وكانت بنت العلامة المجلسي - ره - وهي بنت خاله تحته. قال في تتميم أمل الامل: مولانا حيدر علي ابن المولى ميرزا الشيرواني كان فاضلا معظما وعالما مفخما كما علمناه من تعليقاته على المسالك وغيرها فانها وإن كانت قليلة إلا أنها تدل على فضل محررها، وبالجملة إنه من أهل الفضل مع أنه كان من أهل الزهد والتقوى أيضا إلا أنه ظهر منه أقوال مختصة به ينكر ذلك عليه وأن كان لبعضها قائل به من غيره، سمعت استادنا واستنادنا الفاضل الأعز والعالم الأكبر مولانا علي اصغر - ره - يحكي أنه كان يلعن جميع العلماء إلا السيد المرتضى ووالده العلامة. وقد تحقق منه أنه كان يضيف أهل السنة إلى بيته ويصبر عليهم إلى أن تحصل له الفرصة ويتمكن مما يريد فيأخذ المدية بيده المرتعشة لكونه ناهزا في التسعين، فيضعها في حلق أحدهم فيقتله بنهاية الزجر. والحيدرية المنسوبة إليه كانوا يصومون فيريدون أن يفطروا بالحلال (1) فيمشون إلى دكاكين أهل السنة أو بيوتهم فيسرقون شيئا ويفطرون به، ومن آرائهم عدم رجحان صوم يوم الاثنين أو حرمته، وإن وافى يوم الغدير، ومنها حكمهم بخروج غير الامامية من دين الاسلام، والحكم بنجاستهم، وكذا من شك في ذلك إلى غيرها من الآراء، ورأيت منه رسالة حكم فيها بوجوب الاجتهاد على الأعيان كما هو رأى علماء حلب، وأشبع الكلام في ذلك لكنه مزيف انتهى.
(1) بل هو من الاقوال الشنيعة الشاذة المنكرة التى على خلافها كافة الفقهاء قديما وحديثا بل المشهور المدعى عليه الاجماع في شرح الارشاد للاردبيلي وشرح المفاتيح للاستاد الاكبر البهبهانى عدم جواز أخذ مال النواصب الذين ورد في ذمهم واباحة مالهم ما قد ورد فكيف بغيرهم منه ره.

[138]

وله رسالة في تنجس غير الامامي وخروجهم عن الاسلام، وللمولى زين الدين الخوانساري رسالة في الرد عليه. وفي مرآت الأحوال: كان متصلبا في المذهب في غاية الكمال وكان في الاصول على طريقة السيد المرتضى - ره - خلف من الأولاد آغا علي بزرك وآغا علي الثاني وآغا علي الثالث وبنتا من بنت العلامة صاحب البحار طاب ثراه، كانت تحت الفاضل المقدس آغا ميرزا ابن المولى محمد تقي الكيلاني، وخلف بنتين كانت إحداهما تحت آغا محمد تقي ابن المولى محمد قاسم ابن المولى محمد شفيع الاسترابادي المتقدم ذكره، خلف منها بنتا كما مر والاخرى تحت الحاج مرتضى قلي، وله عقب بإصبهان. وكان للمولى حيدر علي اخت كانت تحت الفاضل المقدس المولى محمد تقي الكيلاني خلف من الأولاد آغا ميرزا وقد مر، وآغا علي وآغا محمد كاظم وآغا محمد صادق وبنتين، وذكر في المرآة أعقابهم وذراريهم ولم نجد فيهم عالما فأعرضنا عن ذكرهم، وإحدى بنات المولى محمد تقي كانت تحت الأميرزا جعفر ابن العلامة المجلسي - ره -. والرابعة من بنات المولى المجلسي كانت تحت الفاضل الأميرزا كمال الدين الفسوي شارح الشافية، ولم يعلم عقبه قال صاحب المآثر وفخر الأواخر آغا محمد باقر الهزار جريبي في إجازته لبحر العلوم: قال استادنا وشيخنا الأجل الأوحد الحاج الشيخ محمد في إجازتي: فليرو الولد الأعز عني بتلك الأسانيد وغيرها ما قرأته على شيخنا المحقق الورع العلامة ميرزا كمال الدين محمد بن معين الدين الفسوى الفارسي من التفسير وغيره، وما قرأته على شيخنا المدقق الفائق على الحاضر والبادي، مولانا محمد مهدي ابن مولانا محمد مادي المازندراني من كتاب نهج البلاغة وغيره، وما سمعت من الفاضل الكامل المحقق مولانا محمد شفيع الجيلاني. وقال شيخنا الفقيه الجليل الأميرزا إبراهيم القاضي أقول: وأروى عن جماعة من مشيختي الذين صادفتهم أو قرأت عليهم مؤلفاتهم، منهم العلامة الجليل الورع المحقق الفقيه المفسر الأديب المتكلم المولى كمال الدين محمد بن معين الدين محمد
[139]

الفسوى قدس سره، وأروى عنه من مؤلفاته الأدبية مناولة انتهى، وبالجملة فهو من أجلة العلماء المعروفين. واعلم أنا لو أردنا شرح هؤلاء العلماء الذين مر ذكرهم لخرجنا عن وضع الرسالة، وإنما استطردنا بعض حالات بعضهم لندرة مأخذه أو لخمول ذكره، وقد رأيت أن أختم الفصل بشرح حال المولى محمد رفيع (1) المتقدم ذكره أحد أصهار هذه السلسلة أداء لحقه في الدين وإحياء لدارس اسمه في لسان المؤمنين، وقد ذكره في اللؤلؤة ولم يزد في ترجمته على اسمه ولقبه، مع كونه من مشايخه. قال الفاضل الكامل في تتميم أمل الامل: مولانا محمد رفيع بن فرج الجيلاني الرشتي المجاور لمشهد الرضا عليه السلام طلع شارق فضيلته فاستضاء منه جملة من بني آدم وأضاء بارق تحقيقه فاستنار منه العالم، مواضع أقلامه مع كونها سوادا أزاحت ظلمات الجهالة ومواقع مداده مع كونها قطرات أجرت بحار العلوم في القلوب، فأزالت ختالات الضلالة الكتاب المحكم العزيز قد شرح بتفسيره فانكان الزمخشري والبيضاوي موجودين في زمنه أخذا الفوايد من تقريره، اصول الفقه صارت بافاداته مشيدة البنيان نيرة البرهان، فعلى الحاجبي والعضدي وأمثالهما مع كونهم الفحول أن يستفيدوا منه الاتقان، المسائل الفقهية روضات جنات رايعة إن لم يدبرها لم يكن لها رواء، والقواعد الحكمية قوانين متينة لو لم يكن ناظر إليها لكانت سخافا مراضا، لم يكن لها إتقان ولا شفاء. وكذلك الحال في ساير الفنون التي لها شجون وغصون، وبالجملة صارت العلوم الغامضة بسبب نظره متقنة ومحكمة وموضحة مبينة ذات شواهد بينة فيحق أن يقال: إنه معلم العلوم ورئيسها ومرجع أهلها في تشييدها وتأسيسها. هذا شأنه في تكميل القوة النظرية وأما القوة العملية ففي الأخلاق الحسنة لم يكن لها نظير ولا عديل وفي أعمال العبادات الشرعية لم يوجد له مثيل وبديل، هذب النفس وزكاها، ونهاها عن هواها، وعمل من الطاعات والقربات ما لم يبلغ أحد
(1) قد مضى ترجمته في ص 89.

[140]

مداها، كانت شيمته إغاثة اللهيف وإعانة الضعيف، لم يسئله سائل فيكون محروما ولم يلتجئ إليه ضعيف فيكون ممنوعا. أنعم الله تعالى على هذا الفاضل العلام بنعم جسام فخام إحداها تلك المرتبة من الفضيلة قل من اوتيها. وثانيها ذلك التوفيق للطاعات والقربات فانه مع كمال الشيخوخة كان يحضر المسجد قبل طلوع الصبح بساعتين، فيتنفل ويقرء الأدعية، ويشتغل بقراءة القرآن إلى أن يطلع الصبح فليقس عليه غيره. ثالثها الأخلاق الحسنة والآداب المستحسنة، فانه كان كاملا فيها. رابعها إعانة الفقراء والسادات والعوام، فانه كان يخرج من بيته وفي أحد كيسيه الزكوات وما ينحو نحوها، فيعطيها العوام الفقراء، وفي الآخر الأخماس وما يناسبها فيعطيها السادات الفقراء. وخامسها الجاه العظيم والوجاهة العامة فانه كان في المشهد المقدس قريبا من أربعين سنة وكل من كان فيها من الفراعنة والجبابرة يعظمونه ويكرمونه نهاية التعظيم والتكريم والنادر مع كمال خباثته وبسطة ملكه لا يقصر من تعظيمه أصلا، وكذا ابنه رضا قلي وأهل هند وبخارا كانوا يكاتبونه ويرسلون إليه الهدايا وأموال الفقراء بالتفخيم. سادسها اليسر التام والوجد العام، فانه كان يتعيش أحسن التعيش في المطاعم والملابس والمراكب والمناكح. وسابعها العمر الكثير فانه قرب من المأة، وبالجملة نعم الله تعالى عليه كان كثيرة ومواهبه خطيرة وفي مدة كونه في المشهد المقدس ألقى دروسا منها شرح المقاصد والتهذيب والبيضاوي وشرح المختصر وإلهيات الشفاء، والفضلا كانوا يجيئون إليه من كل جانب ويجالسهم ويجالسونه ويجاورهم ويجاورونه، فحصل من اللذات ما لا يحصى كثرة. وله الحواشي على كتاب الشافي والمدارك وشرح اللمعة والبيضاوي وحواشي
[141]

العلامة الخوانساري على شرح المختصر، وله رسالة في تتميم استدلال الامامية بأنه لا ينال عهدي الظالمين، على بطلان امامة الخلفاء الثلاث، ورسالة الرد على الفخر الرازي في استدلاله بآية وسيجنبها الأتقى على أفضلية أبي بكر، ورسالة في تفسير آية " وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون " ورسالة في الوجوب العيني للجمعة، و رسالة في المتخير في الجمعة بين الوجوب التخييري والعيني والحرمة وأنه يجب عليه الجمعة والظهر من باب المقدمة. وفي رياض العلماء: المولى رفيعا الجيلاني وهو رفيع الدين محمد بن فرج الجيلاني المعاصر فاضل عالم حكيم المسلك ماهر في الصنايع الالهية والرياضية، وهو من تلامذة الاستاد الفاضل والسيد آميرزا رفيعا النائيني ومن مؤلفاته حاشية على اصول الكافي سماها شواهد الاسلام، وكان عندنا بخطه، ومنظومة على طريق نان وحلوا للشيخ البهائي سماها نان وپنير (1) وله فوائد وتعليقات وإفادات متفرقة كثيرة فلاحظ. وقال السيد الجليل والعالم النبيل السيد عبد الله ابن السيد السند المؤيد نور الدين ابن سيد المحدثين السيد نعمة الله الجزائري قي إجازته الكبيرة لأربعة من علماء الحويزة: المولى محمد رفيع الجيلاني المجاور بالمشهد الرضوي كان علامة محققا متكلما متقنا لم أر في قوة فضله وإيمانه فيمن رأيت من فضلاء العرب والعجم متواضعا منصفا كريم الأخلاق حضرت درسه أوقات إقامتي بمشهد المقدس في المسجد وفي المدرسة الصغيرة المجاورة للقبة المقدسة، وكان مجتهدا صرفا ينكر طريقة الأخباريين ويرجح ظواهر الكتاب على السنة، ولا يجيز تخصيصها بأخبار الآحاد، وكان حسن العشرة مع طوائف الاسلام جدا، وله أصحاب من تجار خوارزم يأتونه كل سنة بالهدايا والنذور، واتهم عند عوام المشهد بالتسنن لذلك، ولأنه كان يؤخر العصر اشتغالا بالنوافل إلى دخول وقتها، ولامور اخر لا حاجة إلى ذكرها هنا
(1) نان وحلواء لشيخنا البهائي نان وخرما للعارف البهائي اللاهيجى كبير نان وپنير للفاضل المذكور نان جو للعالم مفتى مير عباس من علماء هند منه ره.

[142]

وسرت هذه التهمة من العوام إلى الخواص وكوشف بذلك في المسجد يوم الجمعة وهو على المنبر يخطب وحصلت في الناس ضجة لم تسكن إلا بعد جهد طويل، وكان بريئا من ذلك، عاشرته ومارسته ظاهرا وباطنا وما علمت منه إلا خيرا له رسالة في وجوب الجمعة عينا، والرد على من أنكر ذلك خصوصا بعض معاصريه من علماء العجم ورسالة في الاجتهاد والتقليد وغير ذلك توفي عشر الستين (1) وقد جاوز عمره الثمانين رحمة الله عليه. وقال آية الله بحر العلوم في إجازته للسيد عبد الكريم بن السيد محمد جواد ابن العالم السيد عبد الله المتقدم ذكره في ذكر مشايخ شيخه المحدث الفقيه الشيخ يوسف: أعلاهم سندا وأرفعهم طريقا الشيخ العلامة الفهامة، ذو العز الشامخ الرفيع، والفخر الباذخ المنيع، المولى محمد رفيع المجاور بالمشهد الرضوي حيا وميتا. ثم إن صاحب المرآت أشار إلى جماعة يدعون انتهاء نسبهم إلى السلسلة المجلسية، وبعضهم في بلاد الهند ولم يتحقق تلك النسبة، وسمعنا أن السيد الأجل والعالم الأكمل النحرير الماهر والبحر الزاخر الأمجد المؤيد السيد محمد الشهشهاني الإصفهاني طاب ثراه صاحب التصانيف الكثيرة في الفقه والاصول وغيرها أشهرها الحواشي على الرياض في مجلدات، ينتهي إلى هذه السلسلة بتوسط بعض جداته والله العالم.
(1) أي بعد المائة والالف فانه جمع علماء هذه المائة ممن لاقاهم.

[143]